يناقش المقال المسلكين الأصوليين الأساسيين في مورد الشبهات الحكمية، وهما: “قاعدة قبح العقاب بلا بيان” و”مسلك حق الطاعة”. حيث يتبنى المشهور من الأصوليين القاعدة الأولى، مستندين إلى حكم العقل العملي باستقباح معاقبة المكلف دون أن يصل إليه بيان الحكم من المولى، مما يوجب البراءة الأصلية عند الشك في الوجوب أو الحرمة بعد الفحص عن الدليل. ويستدل لهذا المسلك بسيرة العقلاء، وآيات القرآن التي تؤكد على أن إرسال الرسل كان لإتمام الحجة وقطع المعذرة، ونفي التعذيب قبل البيان.
في المقابل، يعرض المقال “مسلك حق الطاعة” الذي يوسع من دائرة مسؤولية المكلف ليشمل حتى التكاليف المشكوكة والمظنونة، بحجة أن حق الطاعة الثابت للمولى لا يختص بالتكاليف المقطوعة. ثم ينتقل المقال إلى نقد هذا المسلك، موضحاً أن حق الطاعة يختص بموارد التكليف التي يوجد فيها أمر أو نهي، ولا يشمل الأحكام الإباحية التي لا يتصور فيها الطاعة أو العصيان. كما يبين أن سعة مولوية المولى لا تستلزم بالضرورة سعة دائرة التكليف والإلزام، بل مدار الإلزام هو قيام الحجة بالبيان الواصل.
يخلص المقال بعد التحليل والنقد إلى ترجيح “قاعدة قبح العقاب بلا بيان” واعتبارها قاعدة رصينة، بينما يرى أن “مسلك حق الطاعة” يواجه إشكالات جوهرية تجعل دائرة تطبيقه محدودة بالتكاليف المعلومة، مؤكداً أن الأصل في الشبهات الحكمية هو البراءة العقلية لا الاحتياط.